هيبة الملك

الرباط 2-12-2008-

لا يمكن أن تنتج الهيبة عن القتل والسفك والفساد والسرقة، وقد حدثنا التاريخ عن الطغاة الذين كانوا مرهوبين يزرعون الرعب في الناس دون أن يحظوا بذرة حب من شعوبهم. لأن الهيبة درجة راقية يصلها الحكام بالعدل والصرامة والعزم والحزم

المستبد الفاسد لا يحظى بالهيبة وإنما يربح خوف الناس مدة ما لا ينفك عن ممارسة الإرهاب والترهيب، وقد حفل تاريخ المغرب منذ الأدارسة بالملوك العادلين ذوي الهيبة والمهابة والتقوى في النفس وفي الناس وبالملوك الطغاة المرهوبين غير العادلين. أحيانا يكون الطغيان مبررا بسبب ظروف الحكم القاسية لكن يكون أحيانا أخرى ناتجا عن  سطوة شخصية غير سوية معطوبة النفس، تحتاج للعلاج لا لحكم المغرب.
محمد السادس ملك عادل متزن الشخصية مهيب لا يحتاج إلى استعراض القسوة ليقتنع المغاربة بأن أسلوبه صارم وأنه سيضرب بيد من حديد كل من سولت له نفسه الإخلال بالتوقير الواجب للملك، لأنه من أكثر الملوك توقيرا وحيازة للحب والاحترام، فمن يسيئ حقا للوقار الواجب لجلالة الملك؟
الفاسدون والمفسدون، من كل الطبقات، من الدركي البسيط الذي يغتني من الطريق إلى مدير البنك الذي يسطو على قصر فخم يريد التشبه بالملك من خلال حيازته، من المواطن الذي يرجم القطار في سياق لا معقول من السيبة إلى القريب من القصر الذي يعتقد أنه فوق القانون. من التبرم الاجتماعي من الصف إلى هجر البرلمان وتركه قاعا صفصافا يشجع الناس على هجر صناديق الاقتراع فيما بعد. من  بناء الطرق التي تصمد للزيارات الملكية فقط إلى تبذير الحكومة للمال العام ذات اليمين والشمال(عدوا معي عدد السيارات رباعية الدفع مرتفعة الثمن الموجودة في حظيرة الدولة) دون حسيب ولا رقيب، باستثناء المجلس الأعلى الذي تنظر إليه الحكومة كما لو كان أداة امتصاص للغضب لا جهازا قضائيا استشاراته ملزمة.
إننا نحن المغاربة، نستطيع المساهمة في تقوية هيبة الملك بالعمل الجاد والتحلي بروح المسؤولية والتداوي من أمراض الذات المزمنة واعتبار الوطن فوق كل شيء. وإذا كان البعض يجتهد بحماس في تلفيق التهم لكل من أساء التعبير عن مشاعره، عن جهل أو سوء تلفظ،  فليجتهد في مراقبة تطبيق القانون والإنفاق العام ومحاربة السيبة التي تسللت إلى حياتنا من كل جانب، آنذاك سنساعد الملك محمد السادس على السير بالبلاد في الوجهة الصحيحة وبالسرعة المطلوبة، لتجاوز أعطاب سنوات طويلة من العنف الذي لم يصنع الهيبة لأحد