صاحب الجلالة الملك محمد السادس يؤكد على ضرورة إدخال تغيير جذري على أنماط إنتاج واستهلاك الطاقة

الرباط06-3-2009-

أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس على ضرورة إدخال تغيير جذري على أنماط إنتاج واستهلاك الطاقة بما يجعلها قابلة للاستمرار ويكفل تحقيق سبل الرفاهية للبشرية جمعاء

وأوضح جلالة الملك ، في رسالة سامية وجهها إلى المشاركين في المناظرة الوطنية الأولى حول الطاقة التي انطلقت أشغالها اليوم بالرباط ، أن التحدي الملح الذي يواجهه عالمنا اليوم، لا يكمن في ندرة الموارد، وإنما في ضرورة تعبئة الاستثمارات اللازمة في هذا المجال، وهو ما يقتضي وضع البنيات التحتية الطاقية الضرورية وتطوير التكنولوجيات البديلة

وقال جلالته إنه "انطلاقا من منظورنا، على المدى البعيد، الذي يأخذ بعين الاعتبار توجهات ومتغيرات الوضع الطاقي العالمي، خلال العقود القادمة، فإننا نضع ضمان تزويد بلادنا بالطاقة، والحفاظ على البيئة، في صدارة انشغالاتنا(...) فبلادنا مطالبة بالاستعداد والتكيف المستمر مع مختلف التحولات لتحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية، بالموازاة مع تلبية حاجياتها المتزايدة من الطاقة

وأكد جلالة الملك أن ذلك يقتضي تفعيل الحلول المقترحة في الاستراتيجية الوطنية الجديدة، لتحقيق الأهداف المرسومة لها ، خاصة وأن ما جاءت به هذه المقترحات جاء تتويجاً لمسار طويل من المشاورات الواسعة والمناقشات المعمقة، بمشاركة كل القوى الحية للأمة ، مشددا جلالته على ضرورة تنويع مصادر المغرب الطاقية وتعبئة الموارد المتجددة وتكثيف التنقيب عن المحروقات وإعطاء الصخور النفطية ما هي جديرة به من اهتمام

وفي هذا السياق أهاب جلالته بالحكومة التعجيل باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لمأسسة الآليات الملائمة لتحقيق النجاعة الطاقية واللجوء إلى الطاقات المتجددة في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية.

وبعد أن ذكر بحرصه الشديد على دعم برامج النجاعة الطاقية وتطوير الطاقات المتجددة سواء من خلال إحداث صندوق التنمية الطاقية أو عبر مساهمة صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ،أكد جلالة الملك أنه بالنظر إلى أن مصادر الطاقة الأحفورية، تمثل النسبة العليا من حيث حجم الاستهلاك العالمي للطاقة، فإنها ستظل تحتل حيزا مهما ضمن المصادر الطاقية التي يعتمد عليها المغرب ، حيث ستخضع للاستعمال الأمثل، من خلال انتقاء تكنولوجيات قوية ذات استهلاك محدود للكربون

وقال جلالته إنه " بالرغم من اختيار الفحم النقي والطاقة الريحية، كدعامتين أساسيتين لإنتاج الكهرباء ببلادنا، فإن كل الخيارات تبقى مطروحة، لاسيما منها اللجوء لاستخدام الغاز الطبيعي والطاقة الكهرو-نووية والطاقة الشمسية القوية ; إذا ما توافرت الشروط الاقتصادية والتقنية لذلك، وتم استيفاء معايير السلامة اللازمة للتزود بهذه الأنواع من الموارد والتأكد من قدراتها التنافسية

وأشار جلالة لملك بهذا الخصوص إلى أن المخطط الوطني للتدابير ذات الأولوية، الذي تمت الموافقة عليه في السنة الماضية، كخطوة أولية في إطار تنفيذ استراتيجية المملكة في مجال الطاقة، يعتبر أن تحقيق التوازن بين العرض والطلب على الكهرباء، وتحقيق النجاعة الطاقية، هدفان ملحان، ينبغي بلوغهما في أفق 2012 ، موضحا أن هذا المخطط يندرج ضمن رؤية استراتيجية بعيدة المدى، يتطلب تفعيلها تعبئة كافة القوى الحية للأمة

وفي هذا الصدد دعا جلالته إلى تمكين قطاعي الكهرباء والطاقة بصفة عامة، من تنظيم وهيكلة ناجعة واعتماد الحكامة الجيدة، لفسح المجال أمام المستثمرين لارتياد آفاق جديدة تتسم بوضوح الرؤية، فضلا عن ضرورة تسريع وتيرة اعتماد النصوص القانونية اللازمة

كما دعا جلالته إلى تمكين هذا القطاع من الوسائل اللازمة لرفع التحديات التي يواجهها، ومن ثم، تسهيل اندماجه في سوق الطاقة الأورو-متوسطية ، مؤكدا حرص جلالته على جعل المملكة "محركا أساسيا في إطار التعاون الطاقي الأورو-متوسطي ، وذلك من خلال تقوية حلقات الربط الكهربائي مع دول الجوار وإقامة البنيات التحتية الكبرى الضرورية لتحقيق الاندماج الإقليمي، وفي طليعتها إنجاز الحلقة المتوسطية للطاقة الكهربائية ، خاصة وأن الوضع المتقدم الذي أصبحت تتمتع به بلادنا، في علاقتها مع الاتحاد الأوروبي، يفتح آفاقا جديدة للتعاون في هذا القطاع

واعتبر جلالة الملك ، من جهة أخرى ، الاستراتيجية الوطنية الجديدة للطاقة، بمثابة خارطة طريق، تهدف إلى تمكين المغرب من الوسائل الكفيلة بتأمين احتياجاته من الطاقة اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة ، مؤكدا أن التفعيل الناجع لهذه الإستراتيجية المضبوطة يتطلب تأهيل الموارد البشرية وتشجيع البحث العلمي، واعتماد مختلف أنواع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، علاوة على انخراط المواطنين وفعاليات المجتمع المدني، وذلك بهدف بلورة ميثاق وطني للطاقة كفيل بضمان الأمن الطاقي للمملكة